كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال العارف ابن عربي‏:‏ إذا رأيت واحداً من هؤلاء فأعنه بطائفة من مال أو قال أو حال فإنك إذا أعنتهم فأنت نائب الحق في عونهم فإنه إذا كان عون هؤلاء حقاً على اللّه فمن أعانهم فقد أدى عن اللّه ما أوجبه على نفسه فيتولى اللّه كرامته بنفسه فما دام المجاهد مجاهداً بما أعنته عليه فأنت شريكه في الأجر ولا ينقصه شيء وإذا ولد للناكح ولد صالح كان لك في ولده وعقبه أجر وأقر به عين محمد صلى اللّه عليه وسلم يوم القيامة وهو أعظم من عون المكاتب والمجاهد لما أن النكاح أفضل النوافل وأقربه نسبة للفضل الإلهي في إيجاده العالم وبعظم الأجر يعظم النسب إلى هنا كلامه‏.‏

- ‏(‏حم ت ن‏)‏ في الجهاد ‏(‏ه‏)‏ في الأحكام ‏(‏ك‏)‏ في النكاح ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وقال على شرط مسلم وقال الترمذي‏:‏ حسن‏.‏

3498 - ‏(‏ثلاثة على كثبان المسك‏)‏ جمع كثيب بمثلثة الرمل المستطيل المحدوب ‏(‏يوم القيامة يغبطهم الأولون والآخرون‏)‏ أي يتمنون جميعاً أن يكون لهم مثل الذي لهم ويدوم عليهم ما هو فيهم والغبطة حسد خاص ليس بمذموم ‏(‏عبد‏)‏ أي قن ذكر أو أنثى ‏(‏أدّى حق اللّه وحق مواليه‏)‏ أي قام بالحقين جميعاً فلم يشغله أحدهما عن الآخر ‏(‏ورجل يؤم قوماً وهم ‏[‏ص 318‏]‏ به راضون‏)‏ أو امرأة تؤم نساء وهنَّ بها راضيات والتخصيص بالرجل غالبي ‏(‏ورجل ينادي بالصلوات الخمس كل يوم وليلة‏)‏ أي يؤذن محتسباً كما جاء في رواية طالباً بأذانه الأجر من اللّه سبحانه وتعالى ولا يأخذ عليه أجراً في الدنيا‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ في الأدب ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب وقال‏:‏ حسن غريب وقال الصدر المناوي‏:‏ فيه أبو اليقظان عثمان بن عمير قال الذهبي‏:‏ كان شيعياً ضعفوه‏.‏

3499 - ‏(‏ثلاث على كثبان المسك يوم القيامة لا يهولهم الفزع‏)‏ أي الخوف ‏(‏ولا يفزعون حين يفزع الناس‏)‏ يوم القيامة ‏(‏رجل تعلم القرآن فقام به يطلب وجه اللّه‏)‏ أي لا للرياء والسمعة ولا ليتسلق به على حصول دنيا ‏(‏وما عنده‏)‏ من جزيل الأجر ‏(‏ورجل نادى في كل يوم وليلة بخمس صلوات يطلب وجه اللّه وما عنده ومملوك لم يمنعه رق الدنيا من طاعة ربه‏)‏ بل قام بحق الحق وحق سيده وجاهد نفسه على حمل مشقات القيام بالحقين ومن ثم كان له أجران واستوجب الأمان وارتفع على الكثبان‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الهيثمي‏:‏ فيه بحر بن كنين السقاء ضعيف بل متروك‏.‏

3500 - ‏(‏ثلاثة في ظل اللّه‏)‏ أي في ظل عرشه كما في رواية ‏(‏عزّ وجلّ يوم لا ظل إلا ظله‏)‏ أي يوم القيامة ‏(‏رجل حيث توجه علم أن اللّه معه‏)‏ حيثما توجه ‏{‏فأينما تولوا فثم وجه اللّه‏}‏، ‏{‏وهو معكم أينما كنتم‏}‏ ‏(‏ورجل دعته امرأة‏)‏ أجنبية ‏(‏إلى نفسها‏)‏ أي إلى الزنا بها ‏(‏فتركها‏)‏ أي ترك الزنا بها ‏(‏من خشية اللّه تعالى‏)‏ لا لغرض آخر كخوف من حاكم أو قالة أو نحو ذلك ‏(‏ورجل أحب بجلال اللّه‏)‏ أي يحب رجلاً لا يحبه إلا إعظاماً للّه الذي خلقه فعدله فلم يحبه لنحو إحسانه له بمال أو جاه أو غير ذلك‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه بشر بن نمير وهو متروك‏.‏

3501 - ‏(‏ثلاثة في ظل العرش‏)‏ أي عرش الرحمن ‏(‏يوم القيامة‏)‏ في الموقف ‏(‏يوم لا ظل إلا ظله واصل الرحم‏)‏ أي القرابة بالإحسان ونحوه ‏(‏يزيد اللّه في رزقه‏)‏ في الدنيا أي يوسع عليه فيه ‏(‏ويمد في أجله‏)‏ أي يطيل حياته بسبب صلته لأقربائه ‏(‏وامرأة مات زوجها وترك عليها أيتاماً صغاراً‏)‏ يعني أولاداً منه ومن في معناهم كأولاد ولدها منه الذي مات عنهم ولا كافل لهم إلا هو ‏(‏فقالت لا أتزوج بل أقيم على أيتامي‏)‏ أكفلهم وأقوم بهم ‏(‏حتى يموتوا أو يغنيهم اللّه تعالى‏)‏ كأن يكبروا ويستغنوا بنحو كسب ‏(‏وعبد‏)‏ أي إنسان ‏(‏صنع طعاماً‏)‏ أي طبخه وهيأه ‏(‏فأضاف‏)‏ منه ‏(‏ضيفه وأحسن ‏[‏ص 319‏]‏ نفقته‏)‏ أي أحسن القيام بها ‏(‏فدعا عليه‏)‏ أي طلب له ‏(‏اليتيم والمسكين‏)‏ المراد به هنا ما يشمل الفقير لأنهما إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا ‏(‏فأطعمهم لوجه اللّه‏)‏ عزّ وجلّ عن كل نقص ووصف ليس في الكمال المطلق أقصاه وغايته أي فعل ذلك لوجه اللّه لا لغرض آخر كرياء أو سمعة أو توصل إلى شيء من المقاصد الدنيوية كبعض من يجمع الأيتام والزمناء والعميان عنده في نحو زاوية ويتشيطن على ولاة الأمور ويدخل عليهم بأنه ليس يريد الدنيا وإنما يريد مرتباً للقيام بأدواء هؤلاء حتى إذا تحصل على حظه من ذلك كتبه باسم نفسه واستخدم أهل الزاوية كالعبيد كما فعل الناس الآن ممن يزعم الصلاح‏.‏

- ‏(‏أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ في‏)‏ كتاب ‏(‏الثواب والأصبهاني‏)‏ في الترغيب ‏(‏فر‏)‏ كلهم ‏(‏عن أنس‏)‏ وفيه حفص بن عبد الرحمن قال الذهبي في الضعفاء‏:‏ قال أبو حاتم‏:‏ مضطرب الحديث‏.‏

3502 - ‏(‏ثلاثة في ضمان اللّه عز وجل‏)‏ أي في حفظه وكلاءته ورعايته ‏(‏رجل خرج إلى مسجد من مساجد اللّه‏)‏ أي يريد الصلاة أو الاعتكاف فيه ‏(‏ورجل خرج غازياً في سبيل اللّه‏)‏ لإعلاء كلمة اللّه ‏(‏ورجل خرج حاجاً‏)‏ أي بمال حلال‏.‏

- ‏(‏حل عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

3503 - ‏(‏ثلاثة قد حرم اللّه عليهم الجنة‏)‏ أي دخولها ‏(‏مدمن الخمر‏)‏ أي الملازم لشربها آناء الليل وأطراف النهار المداوم عليها ‏(‏والعاق‏)‏ لوالديه أو أحدهما وقد سبق معنى العقوق فلا تغفل ‏(‏والديوث‏)‏ بمثلثة وهو الذي ‏(‏يقر في أهله‏)‏ أي زوجته أو سريته وقد يشمل الأقارب أيضاً ‏(‏الخبث‏)‏ يعني الزنا بأن لا يغار عليهم وهؤلاء الثلاثة إن استحلوا ذلك فهم كفار والجنة حرام على الكفار أبداً وإن لم يستحلوا فالمراد بتحريمها عليهم منعهم من دخولها قبل التطهير بالنار فإذا تطهروا بها أدخلوها‏.‏

- ‏(‏حم عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الهيثمي‏:‏ وفيه راو لم يسم وبقية رجاله ثقات‏.‏

3504 - ‏(‏ثلاثة كلهم ضامن على اللّه‏)‏ أي مضمون على حد ‏{‏عيشة رضية‏}‏ أي مراضية أو ذو ضمان كالقاسط والابن فهو من باب النسب ذكره البيضاوي وسبق نحوه النووي في الأذكار فقال‏:‏ معنى ضامن صاحب الضمان والضمان الرعاية للشيء كما يقال تامر ولابن أي صاحب تمر ولبن ‏(‏رجل خرج غازياً في سبيل اللّه‏)‏ أي لإعلاء كلمة اللّه ‏(‏فهو ضامن على اللّه‏)‏ الآية ‏{‏ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى اللّه ورسوله‏}‏ ولا يزال مضموناً عليه ‏(‏حتى يتوفاه‏)‏ اللّه ‏(‏فيدخله الجنة‏)‏ برحمته ‏(‏أو يرده بما نال من أجر أو غنيمة ورجل راح إلى المسجد فهو ضامن على اللّه حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر أو غنيمة ورجل دخل بيته بسلام‏)‏ أي لازم بيته إيثاراً للعزلة وطلباً للسلامة من الفتنة أو المراد أنه إذا دخله سلم على أهله ائتماراً بقوله سبحانه ‏{‏إذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم‏}‏ قال الطيبي‏:‏ والأول أوجه وبملاءمة ما قبله ‏[‏ص 320‏]‏ أوفق لأن المجاهدة في سبيل اللّه سفراً والرواح إلى المسجد حضراً ولزوم البيت اتقاء من الفتن أخذ بعضها بحجزة بعض ‏(‏فهو ضامن على اللّه‏)‏ قال النووي رضي اللّه عنه في الأذكار‏:‏ معناه أنه في رعايته وما أجزل هذه العطية وقال الطيبي‏:‏ عدَّى ضامن بعلى تضميناً لمعنى الوجوب والمحافظة على سبيل الوعد أي يجب على اللّه وعداً أن يكلأه من مضار الدنيا والدين ولم يذكر الشيء المضمون به في الثالث اكتفاء بما قبله‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الجهاد ولم يضعفه ‏(‏حب ك‏)‏ في البيوع ‏(‏عن أبي أمامة‏)‏ صحيح وأقره الذهبي‏.‏

3505 - ‏(‏ثلاثة ليس عليهم حساب‏)‏ يوم القيامة ‏(‏فيما طعموا‏)‏ أي أكلوا أو شربوا ‏(‏إذا كان‏)‏ المأكول أو المشروب ‏(‏حلالاً‏:‏ الصائم‏)‏ عند الفطر ‏(‏والمتسحر‏)‏ للصوم ‏(‏والمرابط في سبيل اللّه عز وجل‏)‏ أي الملازم لبعض الثغور بقصد الجهاد‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه عبد اللّه بن عصمة عن أبي الصباح وهما مجهولان‏.‏

3506 - ‏(‏ثلاثة من كن فيه يستكمل إيمانه‏)‏ بالبناء للمجهول أي اجتماعهن في إنسان تدل على كمال إيمانه ‏(‏رجل لا يخاف في اللّه لومة لائم ولا يرائي بشيء من عمله‏)‏ بل إنما يعمل لوجه اللّه تعالى مراعياً للإخلاص في سائر أعماله ‏(‏وإذا عرض عليه أمران أحدهما للدنيا والآخر للآخرة اختار أمر الآخرة‏)‏ لبقائها ودوامها ‏(‏على الدنيا‏)‏ لفنائها واضمحلالها وسرعة زوالها‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

3507 - ‏(‏ثلاثة من قالهن دخل الجنة‏)‏ أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب ‏[‏فإن قيل لا حاجة إلى التقدير لأنه من انتفى منه خصلة من الخصال الثلاث لا يدخل الجنة أصلاً فالجواب أن هذا فيمن قالهن من المسلمين وهل المراد قالهن في كل يوم أو مرة في عمره‏؟‏ الظاهر الثاني‏]‏ ‏(‏من رضي باللّه رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً‏)‏ إلى الثقلين كافة ‏(‏والرابعة لها من الفضل كما بين السماء والأرض وهي الجهاد في سبيل اللّه عز وجل‏)‏ لتكون كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة اللّه العليا‏.‏

- ‏(‏حم عن أبي سعيد‏)‏ الخدري‏.‏

3508 - ‏(‏ثلاثة من السعادة وثلاثة من الشقاوة فمن السعادة المرأة الصالحة‏)‏ الدينة العفيفة الجميلة ‏(‏التي تراها فتعجبك وتغيب عنها فتأمنها على نفسها‏)‏ فلا تخونك بزنا ولا بسحاق ولا بتبرج ونحو ذلك ‏(‏ومالك‏)‏ فلا تخون فيه بسرقة ولا ‏[‏ص 321‏]‏ تبذير ‏(‏والدابة تكون وطيئة‏)‏ أي هنية سريعة المشي سهلة الانقياد ‏(‏فتلحقك بأصحابك‏)‏ بلا تعب ولا مشقة في الإحثاث ‏(‏والدار تكون واسعة كثيرة المرافق‏)‏ بالنسبة لحال ساكنها ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأحوال ‏(‏وثلاثة من الشقاء المرأة‏)‏ السوء وهي التي ‏(‏تراها فتسوؤك‏)‏ لقبح ذاتها أو أفعالها ‏(‏وتحمل لسانها عليك‏)‏ بالبذاءة ‏(‏وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك والدابة تكون قطوفاً‏)‏ بفتح القاف أي بطيئة السير والقطوف من الدواب البطيء ‏(‏فإن ضربتها‏)‏ لتسرع بك ‏(‏اتبعتك وإن تركتها‏)‏ تمشي بغير ضرب ‏(‏لم تلحقك بأصحابك‏)‏ أي رفقتك بل تقطعك عنهم ‏(‏والدار تكون ضيقة قليلة المرافق‏)‏ بالنسبة لحال الساكن وعياله فرب دار ضيقة بالنسبة لإنسان واسعة بالنسبة لآخر‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في النكاح ‏(‏عن سعد‏)‏ بن أبي وقاص قال الحاكم‏:‏ تفرد به محمد بن سعد عن أبيه فإن كان حفظه فعلى شرطهما وتعقبه الذهبي فقال محمد قال أبو حاتم صدوق يغلط وقال يعقوب بن شبة ثقة‏.‏

3509 - ‏(‏ثلاثة من الجاهلية‏)‏ أي من أفعال أهلها ‏(‏الفخر بالأحساب‏)‏ أي التعاظم بالآباء ‏(‏والطعن في الأنساب‏)‏ أي أنساب الناس ‏(‏والنياحة‏)‏ على الميت كما مر بيانه موضحاً‏.‏

- ‏(‏طب عن سلمان‏)‏ الفارسي قال الهيثمي‏:‏ فيه عبد الغفور أبو الصباح ضعيف‏.‏

3510 - ‏(‏ثلاثة من مكارم الأخلاق عند اللّه‏)‏ أضافها إليه للتشريف ‏(‏أن تعفو عمن ظلمك‏)‏ فلا تنتقم منه عند القدرة ‏(‏وتعطي من حرمك‏)‏ عطاءه أو تسبب في حرمانك عطاء غيره ‏(‏وتصل من قطعك‏)‏ ولا تعامله بمثل فعله‏.‏

قال العارف ابن عربي‏:‏ الأخلاق ثلاثة أنواع خلق متعد وخلق غير متعد وخلق مشترك والمتعدي قسمان متعدي بمنفعة كالجود والفتوة ومتعد بدفع مضرة كالعفو والصفح وتحمل الأذى مع القدرة على الجزاء والتمكن منه وغير المتعدي كالورع والزهد والتوكل والمشترك كالصبر على أذى الخلق وبسط الوجه وكمال البشر‏.‏

- ‏(‏خط عن أنس‏)‏ بن مالك ورواه عنه أيضاً الديلمي باللفظ المذكور‏.‏

3511 - ‏(‏ثلاثة من السحر الرقى والتول والتمائم‏)‏ قال الديلمي‏:‏ التول ما يحبب المرأة إلى زوجها وقيل ما تجعله المرأة في عنقها لتحسن عند زوجها والتمائم واحدتها تميمة خرزات تعلقها العرب على أولادها لاتقاء العين فأبطلها الشارع ونهى عنها وأما ما ذكر في الرقى فمحمول على ما كان من كلام الجاهلية ومن الذي لا يعقل معناه لاحتمال أن يكون كفراً بخلاف الرقى بالذكر ونحوه كما مر ويأتي‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ من حديث عبيد اللّه بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم ‏(‏عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه علي بن يزيد الألهاني وهو ضعيف‏.‏

‏[‏ص 322‏]‏ 3512 - ‏(‏ثلاثة من أعمال الجاهلية لا يتركهن الناس‏)‏ أي أهل الإسلام ‏(‏الطعن في الأنساب والنياحة‏)‏ على الميت ‏(‏وقولهم مطرنا بنوء كذا وكذا‏)‏ أي بالنجم الفلاني من النجوم الثمانية والعشرين سمي نوءاً لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق ينوء نوءاً فيعتقدون أن المطر هو فعل النجم قال الحليمي‏:‏ أما القول بأنه قد يكون لبعضها بعض اتصال يمتزج منه طبائعها أي تتأدى بتلك الطبائع بالمجاوزة إلى الجو ويوصله الجو بمجاوزته الأرض إلى الأرض فيكون سبباً لآثار تحدث في الأجسام الأرضية فهذا قد يكون إلا أن تلك الآثار أفعال للّه لا للكواكب فتنقل الكواكب وتبدل أحوالها مواقيت لأقضية اللّه كجعله تحول الشمس ميقاتاً للصلاة إلى هنا كلامه‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ والبزار ‏(‏عن عمرو بن عوف‏)‏ بن مالك المزني قال الهيثمي‏:‏ فيه كثير بن عبد اللّه المزني ضعيف‏.‏

3513 - ‏(‏ثلاثة مواطن لا ترد فيها دعوة عبد رجل يكون في برية بحيث لا يراه أحد إلا اللّه فيقوم فيصلي ورجل يكون معه فئة‏)‏ في الجهاد ‏(‏فيفر عنه أصحابه فيثبت‏)‏ هو للعدّو فيقاتل حتى يقتل أو ينتصر ‏(‏ورجل يقوم من آخر الليل‏)‏ أي يتهجد فيه عند فتح أبواب السماء وتنزلات الرحمة‏.‏

- ‏(‏ابن منده وأبو نعيم‏)‏ كلاهما ‏(‏في الصحابة عن ربيعة بن وقاص‏)‏ قال الذهبي‏:‏ حديث مضطرب‏.‏

3514 - ‏(‏ثلاث نفر‏)‏ بفتحتين أي ثلاث من الرجال ‏(‏كان لأحدهم عشرة دنانير فتصدق منها بدينار وكان لآخر عشرة أواق فتصدق منها بأوقية وآخر كان له مئة أوقية فتصدق منها بعشرة أواق فهم في الأجر سواء كل قد تصدق بعشر ماله‏)‏ أي فأجر الدينار بقدر أجر الأوقية بقدر أجر العشرة الأواق فلا فضل لأحدهم على الآخر‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي مالك الأشعري‏)‏ كعب بن عاصم وقيل عبيد وقيل عمر وقيل الحارث يعد في الشاميين‏.‏

3515 - ‏(‏ثلاثة هم حدّاث اللّه يوم القيامة‏)‏ أي يكلمهم ويكلمونه في الموقف والناس في ذلك الهول مشغولون بأنفسهم ‏(‏رجل لم يمش بين اثنين بمراء قط‏)‏ بضم الطاء المشددة في الزمن الماضي ‏(‏ورجل لم يحدث نفسه بزنا قط‏)‏ ولا بلواط ‏(‏ورجل لم يخلط كسبه بربا قط‏)‏ الرجل في الثلاثة وصف طردي فالمرأة كذلك‏.‏

- ‏(‏حل عن أنس‏)‏ بن مالك ورواه عنه الديلمي أيضاً‏.‏

‏[‏ص 323‏]‏ 3516 - ‏(‏ثلاثة لا تحرم عليك أعراضهم‏)‏ بل يجوز لك اغتيابهم ‏(‏المجاهر بالفسق‏)‏ فيجوز ذكره بما تجاهر به أي فقط ‏(‏والإمام الجائر‏)‏ أي السلطان الجائر الظالم ‏(‏والمبتدع‏)‏ أي المعتقد بما لا يشهد له شيء من الكتاب والسنة‏.‏

- ‏(‏ابن أبي الدنيا‏)‏ أبو بكر القرشي في كتاب ‏(‏ذم الغيبة عن الحسن مرسلاً‏)‏ هو البصري‏.‏

3517 - ‏(‏ثلاثة لا تجاوز صلاتهم أذانهم‏)‏ في رواية رؤوسهم أي لا ترتفع إلى السماء وهو كناية عن عدم القبول كما صرح به في رواية للطبراني وقال التوربشتي‏:‏ لا يرتفع إلى اللّه رفع العمل الصالح بل شيئاً قليلاً من الرفع كما نبه عليه بذكر الأذن وخصها بالذكر لما يقع فيها من التلاوة والدعاء وهذا كقوله في المارقة يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم عبر عن عدم القبول بعدم مجاوزته الآذان بدليل التصريح بعدم القبول في رواية أخرى أو المراد لا يرفع عن آذانهم فتظلهم كما يظل العمل الصالح صاحبه يوم القيامة قال الطيبي‏:‏ ويمكن أن يقال إن هؤلاء استوصوا بالمحافظة على ما يجب عليهم من مراعاة حق السيد والزوج والصلاة فلما لم يقوموا بما استوصوا به لم تتجاوز طاعتهم عن مسامعهم كما أن القارئ الكامل هو من يتدبر القرآن بقلبه ويتلقاه بالعمل الصالح فلما لم يقم بذلك لم يتجاوز من صدره إلى ترقوته ‏(‏العبد الآبق‏)‏ بدأ به تغليظاً للأمر فيه ‏(‏حتى يرجع‏)‏ من إباقه إلى سيده إلا أن يكون إباقه لإضرار السيد به ولم يجد له ناصراً كما قاله بعض الأئمة ‏(‏وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط‏)‏ لأمر شرعي كسوء خلق وترك أدب ونشوز وهذا أيضاً خرج مخرج الزجر والتهويل ‏(‏وإمام قوم وهم له كارهون‏)‏ فإن للإمام شفاعة ولا يستشفع المرء إلا بمن يحبه ويعتقد منزلته عند المشفوع إليه فيكره أن يؤم قوماً يكرهه أكثرهم وهذا إن كرهوه لمعنى يذم به شرعاً وإلا فلا كراهة واللوم على كارهه‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الصلاة ‏(‏عن أبي أمامة‏)‏ وقال حسن غريب وضعفه الهيثمي وأقره عليه الزين العراقي في موضع وقال في آخر‏:‏ إسناده حسن وقال الذهبي‏:‏ إسناده ليس بقوي وروي بإسنادين آخرين هذا أمثلهما اهـ‏.‏

3518 - ‏(‏ثلاثة لا ترى أعينهم النار‏)‏ أي نار جهنم ‏(‏يوم القيامة‏)‏ إشارة إلى شدَّة إبعادهم عنها ومن بعد عنها قرب من الجنة ‏(‏عين بكت من خشية اللّه وعين حرست في سبيل اللّه‏)‏ أي في الجهاد ويمكن شموله للرباط أيضاً ‏(‏وعين غضت‏)‏ بالتشديد أي خفضت وأطرقت وليس المراد بالبكاء من خشية اللّه بكاء النساء ورقتهن فتبكي ساعة ثم تترك العمل وإنما المراد خوف يسكن القلب حتى تدمع منه العين قهراً ويمنع صاحبه عن مقارفة الذنوب وتحثه على ملازمة الطاعات فهذا هو البكاء المقصود وهذه هي الخشية المطلوبة لا خشية الحمقاء الذين إذا سمعوا ما يقتضي الخوف لم يزيدوا على أن يبكوا ويقولوا يا رب سلم نعوذ باللّه وهم مع ذلك مصرون على القبائح والشيطان يسخر بهم كما تسخر أنت بمن رأيته وقد قصده سبع ضاري وهو إلى جانب حصن منيع بابه مفتوح إليه فلم يفزع وإنما اقتصر على رب سلم حتى جاء السبع فأكله ‏(‏عن محارم اللّه‏)‏ أي عن النظر إلى ما حرمه اللّه عليها فلم تنظر إلى شيء منها امتثالاً لأمر اللّه‏.‏

- ‏(‏طب عن معاوية بن حيدة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه أبو حبيب ‏[‏ص 324‏]‏ العبقري ويقال العنزي ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات‏.‏

3519 - ‏(‏ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً‏)‏ بل شيئاً قليلاً ‏(‏رجل أم قوماً وهم له كارهون‏)‏ أي أكثرهم لما يذم شرعاً كفسق وبدعة وتساهل في تحرز عن خبث وإخلال بهيئة من هيئات الصلاة وتعاطي حرفة مذمومة وعشرة نحو فسقة ‏(‏وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط‏)‏ لنحو سوء خلقها أو لتفويتها عليه حقاً من حقوقه المتوجهة عليها شرعاً وجوباً أو ندباً ‏(‏وأخوان‏)‏ من نسب أو دين ‏(‏متصارمان‏)‏ أي متهاجران متقاطعان في غير ذات اللّه قال الطيبي‏:‏ وأخوان أعم من جهة النسب أو الدين لما ورد ولا يحل لمسلم أن يصارم مسلماً فوق ثلاث أي يهجره ويقطع مكالمته قال الزين العراقي‏:‏ وفيه وما قبله أن إغضاب المرأة لزوجها حتى يبيت زوجها ساخطاً عليها من الكبائر لكن إذا كان غضبه عليها بحق‏.‏

- ‏(‏ه عن ابن عباس‏)‏ قال مغلطاي في شرح ابن ماجه‏:‏ إسناده لا بأس به ثم اندفع في بيانه وقال الزين العراقي في شرح الترمذي‏:‏ إسناده حسن‏.‏

3520 - ‏(‏ثلاثة لا ترد دعوتهم الإمام العادل‏)‏ بين الرعية ‏(‏والصائم حتى‏)‏ أي إلى أن ‏(‏يفطر‏)‏ ‏[‏قال الدميري‏:‏ يستحب للصائم أن يدعو في حال صومه بمهمات الآخرة والدنيا له ولمن يحب وللمسلمين لهذا الحديث والرواية فيه حتى بالمثناة فوق فيقتضي استحباب دعاء الصائم من أول يومه إلى آخره لأنه يسمى صائماً في كل ذلك اهـ قلت‏:‏ قوله والرواية فيه حتى بالمثناة من فوق هو كذلك في بعض الأصول وفي بعضها بالمثناة التحتية والنون وفي خط شيخنا كذلك ويؤيده رواية إن للصائم عند فطره لدعوة ما تردّ كما تقدم وقول سائر أصحابنا يستحب للصائم أن يدعو عند إفطاره‏]‏ من صومه وفي نسخ حين يفطر قال القاضي‏:‏ الإمام بدل من دعوتهم على حذف مضاف أي دعوة الإمام ودعوة الصائم بدليل عطف ‏(‏ودعوة المظلوم‏)‏ عليه وقوله ‏(‏يرفعها اللّه‏)‏ في موضع الحال ويحتمل أن يجعل تفصيل ثلاثة وأن يكون القسم الثالث محذوفاً لدلالة ودعوة المظلوم عليه وهو مبتداً ويرفعها خبره استأنف به الكلام لفخامة شأن دعاء المظلوم واختصاصه بمزيد قبول ورفعها ‏(‏فوق الغمام‏)‏ أي السحاب وقوله ‏(‏وتفتح له أبواب السماء ويقول الرب تعالى وعزتي وجلالي لأنصرنك‏)‏ مجاز عن إشارة الآثار العلوية وجميع الأسباب السماوية وعلى انتصاره من الظالم، وإنزال البأس عليه ‏(‏ولو بعد حين‏)‏ بدل على أنه سبحانه يمهل الظالم ولا يهمله‏.‏ ‏(‏تنبيه‏}‏ قال الغزالي‏:‏ فيه أن الإمارة والخلافة من أفضل العبادات إذا كانتا مع العدل والإخلاص ولم يزل المتقون يحترزون منها ويهربون من تقلدها لما فيها من عظيم الخطر إذ تتحرك به الصفات الباطنة ويغلب على النفس حب الجاه والاستيلاء ونفاذ الأمر وهو أعظم ملاذ الدنيا‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ في الدعوات ‏(‏ه‏)‏ في الصوم ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الترمذي‏:‏ حسن اهـ وفيه مقال طويل بينه ابن حجر وغيره‏.‏

3521 - ‏(‏ثلاثة لا تسأل عنهم‏)‏ أي فإنهم من الهالكين ‏(‏رجل فارق‏)‏ بقلبه ولسانه واعتقاده أو ببدنه ولسانه وخص ‏[‏ص 325‏]‏ الرجل بالذكر لشرفه وأصالته وغلبة دوران الأحكام عليه فالأنثى مثله من حيث الحكم ‏(‏الجماعة‏)‏ المعهودين وهم جماعة المسلمين ‏(‏وعصى إمامه‏)‏ إما بنحو بدعة كالخوارج المتعرضين لنا والممتنعين من إقامة الحق عليهم المقاتلين عليه وإما بنحو بغي أو حرابة أو صيال أو عدم إظهار الجماعة في الفرائض فكل هؤلاء لا تسأل عنهم لحل دمائهم ‏(‏ومات عاصياً‏)‏ فميتته ميتة جاهلية ‏(‏وأمة أو عبد أبق من سيده‏)‏ أو سيدته أي تغيب عنه في محل وإن كان قريباً ‏(‏فمات‏)‏ فإنه يموت عاصياً ‏(‏وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مؤونة الدنيا فتزوجت بعده فلا تسأل عنهم‏)‏ فائدة ذكره ثانياً تأكداً العلم ومزيد بيان الحكم‏.‏

- ‏(‏خد ع طب ك هب عن فضالة بن عبيد‏)‏ قال الحاكم‏:‏ على شرطهما ولا أعلم له علة وأقره الذهبي وقال الذهبي‏:‏ رجاله ثقات‏.‏

3522 - ‏(‏ثلاثة لا تسأل عنهم رجل ينازع اللّه ازاره ورجل ينازع اللّه رداءه فإن رداءه‏)‏ أكد بإن الجملة الإسمية لمزيد الرد على المنكر ‏(‏الكبرياء وإزاره العز‏)‏ فمن تكبر من المخلوقين أو تعزز فقد نازع الخالق سبحانه رداءه وإزاره الخاصين به فله في الدنيا الذل والصغار وفي الآخرة عذاب النار ‏(‏ورجل في شك من أمر اللّه‏)‏ ‏{‏أفي اللّه شك‏}‏ ‏(‏والقنوط‏)‏ بالضم أي اليأس ‏(‏من رحمة اللّه‏)‏ ‏{‏إنه لا ييأس من روح اللّه إلا القوم الكافرون‏}‏‏.‏

- ‏(‏خد ع طب عن فضالة بن عبيد‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله ثقات‏.‏

3523 - ‏(‏ثلاثة لا تقربهم الملائكة‏)‏ أي الملائكة النازلون بالبركة والرحمة والطائفون على العباد للزيارة واستماع الذكر وأضرابهم لا الكتبة فإنهم لا يفارقون المكلفين طرفة عين في شيء من أحوالهم الحسنة والسيئة ‏{‏ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد‏}‏ ‏(‏جيفة الكافر والمتضمخ‏)‏ أي الرجل المتضمخ ‏(‏بالخلوق‏)‏ بالفتح طيب له صبغ يتخذ من الزعفران وغيره لما فيه من الرعونة والتشبه بالنساء ‏(‏والجنب إلا أن يتوضأ‏)‏ قال الكلاباذي‏:‏ يجوز كونه فيمن أجنب من محرم أما من حلال فلا يجتنبه الملك ولا البيت الذي فيه فقد كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يصبح جنباً بغير حلم ويصوم ذلك اليوم وكان يطوف على نسائه بغسل واحد ويجوز كونه فيمن أجنب باحتلام وترك الغسل مع وجود الماء فبات جنباً لأن الحلم من الشيطان فمن تلعب به في يقظته أو نومه تجنبه الملك الذي هو عدو الشيطان اهـ‏.‏

- ‏(‏د عن عمار بن ياسر‏)‏

3524 - ‏(‏ثلاثة لا تقربهم الملائكة بخير‏)‏ ملائكة الرحمة والبركة ونحو ذلك لا الكتبة ولا ملائكة الموت كما سبق ‏(‏جيفة الكافر‏)‏ أي جسد من مات على الكفر ‏(‏والمتضمخ بالخلوف‏)‏ أي المتلطخ به قال القاضي‏:‏ وهو طيب له صبغ يتخذ من زعفران ونحوه وسببه أنه توسع في الرعونة وتشبه بالنساء وذلك يؤذن بخسة النفس وسقوطها ‏(‏والجنب إلا أن يبدو له أن يأكل‏)‏ أي أو أن يشرب ‏(‏أو ينام‏)‏ قبل الاغتسال ‏(‏فيتوضأ‏)‏ فإنه إذا فعل ذلك لم تنفر الملائكة عنه ‏[‏ص 326‏]‏ ولم تمتنع عن دخول بيت هو فيه وبين بقوله ‏(‏وضوءه للصلاة‏)‏ أي المراد الوضوء الشرعي لا الوضوء اللغوي وهو رد صريح على من اكتفى به قال القاضي‏:‏ والكلام في جنب تهاون في الغسل وأخره حتى مر عليه وقت صلاة وجعل ذلك دأباً وعادة فإنه مستخف بالشرع متساهل في الدين غير مستعد لاتصالهم والاختلاط بهم لا أي جنب كان لما ثبت أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كان يطوف على نسائه بغسل واحد‏.‏

- ‏(‏طب عن عمار بن ياسر‏)‏ قال في الفردوس‏:‏ وفي الباب ابن عباس وغيره‏.‏

3525 - ‏(‏ثلاثة لا تقربهم الملائكة‏)‏ بخير ‏(‏السكران‏)‏ أي سكراً تعدَّى به ‏(‏والمتضمخ بالزعفران‏)‏ أي تعدياً ‏(‏والحائض والجنب‏)‏ ومثلهما النفساء ويظهر أن المراد بالحائض والنفساء انقطع من دمه منهما وأمكنه الغسل لتفريطه بإهماله أما غيره ففيه احتمال‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏عن بريدة‏)‏ بن الحصيب المسلمي قال الهيثمي‏:‏ فيه عبد اللّه بن حكيم لم أعرفه وبقية رجاله ثقات‏.‏

3526 - ‏(‏ثلاثة لا يجيبهم ربك عز وجل‏)‏ أي لا يجيب دعاءهم ‏(‏رجل نزل بيتاً خرباً‏)‏ لأنه عرض نفسه للهلاك وخالف قول اللّه تعالى ‏{‏ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة‏}‏ ‏(‏ورجل نزل على طريق السبيل‏)‏ أي بالنهار يتخطاه المارة وربما تعثر به فرس فأهلكه وكذا بالليل فإن للّه تعالى دواب يبثها فيه كما سبق في الخبر ‏(‏ورجل أرسل دابته‏)‏ أي أطلقها عبثاً ‏(‏ثم جعل يدعو اللّه أن يحبسها‏)‏ عليه فلا يجيب اللّه دعوتهم لمخالفتهم ما أمروا به من التحفظ إذ الأول عرض نفسه لانهدام البيت عليه أو للسارق بنزوله بغير ما هو محفوف بالعمارة والثاني عرض نفسه للمار على الطريق والثالث لم يعمل بخبر اعقلها وتوكل‏.‏

- ‏(‏طب عن عبد الرحمن بن عائذ‏)‏ بالمد والهمز والمعجمة ‏(‏الثمالي‏)‏ بمثلثة مضمومة والتخفيف نسبة إلى ثمالة بطن من الأزد وفي نسخ الثمامي قال الهيثمي‏:‏ فيه صدقة بن عبد اللّه السمين وثقه دحيم وضعفه أحمد‏.‏

3527 - ‏(‏ثلاثة لا يحجبون عن النار‏)‏ أي نار جهنم ‏(‏المنان‏)‏ بما أعطاه ‏(‏وعاق والده‏)‏ فعاق أمه أولى ‏(‏ومدمن الخمر‏)‏ أي المداوم على شربها الملازم له لا ينفك عنه‏.‏

- ‏(‏رسته في‏)‏ كتاب ‏(‏الإيمان‏)‏ له ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ رضي اللّه تعالى عنه‏.‏

3528 - ‏(‏ثلاثة لا يدخلون الجنة‏)‏ أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب كما مر ‏(‏مدمن الخمر وقاطع الرحم‏)‏ أي القرابة ‏(‏ومصدق بالسحر‏)‏ قال الذهبي في الكبائر‏:‏ ويدخل فيه تعليم السيمياء وعملها وهي محض السحر وعقد المرء عن زوجته ومحبة الزوج لامرأته وبغضها وبغضه وأشباه ذلك بكلمات مجهولة ‏(‏ومن مات وهو مدمن الخمر‏)‏ جملة حالية ‏(‏سقاه اللّه من نهر الغوطة نهر‏)‏ بدل مما قبله أو خبر مبتدأ محذوف وهو نهر في نار جهنم ‏(‏يجري‏)‏ فيه القيح والصديد السائل ‏(‏من فروج المومسات‏)‏ الزانيات ‏(‏يؤذي أهل النار ريح فروجهن‏)‏ أي ريح نتنها وهذا أمر مهول جداً يحمل من له أدنى عقل على الإحجام عن الزنا وفيه أن الثلاثة كبائر قال الذهبي‏:‏ وكثير من الكبائر بل عامتها إلا ‏[‏ص 327‏]‏ الأقل يجهل خلق من الأمة تحريمه وما بلغه الزجر فيه ولا الوعيد عليه فهذا الضرب فيهم تفصيل فينبغي للعالم أن لا يعجل على الجاهل بل يرفق به ويعلمه سيما إذا اقترب عهده بجهلته كمن أسر وأجلب إلى أرض الإسلام وهو تركي فبالجهد أنه تلفظ بالشهادتين فلا يأثم أحد إلا بعد العلم بحاله وقيام الحجة عليه‏.‏

- ‏(‏حم طب ك‏)‏ في الأشربة ‏(‏عن أبي موسى‏)‏ الأشعري قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي‏.‏

3529 - ‏(‏ثلاثة لا يدخلون الجنة‏)‏ بالمعنى المقرر فيما قبله ‏(‏العاق لوالديه‏)‏ وإن عليا ‏(‏والديوث‏)‏ فيعول من ديثت البعير إذا دللته ولينته بالرياضة فكأن الديوث ذلل حتى رأى المنكر بأهله فلا يغيره ‏(‏ورجلة النساء‏)‏ بفتح الراء وضم الجيم وفتح اللام أي المتشبهة بالرجال في الزي والهيئة لا في الرأي والعلم فإنه محمود وقال الذهبي‏:‏ فيه أن هذه الثلاثة من الكبائر قال فمن كان يظن بأهله الفاحشة ويتغافل لمحبته فيها فهو دون من يعرس عليها ولا خير فيمن لا غيرة فيه والقوادة التي لا تزال بالحرة حتى تصيرها بغياً عليها وزنيان‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الإيمان ‏(‏هب‏)‏ كلاهما ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي في التلخيص وقال في الكبائر‏:‏ إسناده صحيح لكن بعضهم يقول عن عمر عن أبيه وبعضهم يقول عن ابن عمر مرفوعاً وقال في الفردوس صحيح‏.‏

3530 - ‏(‏ثلاثة لا يدخلون الجنة أبداً‏)‏ تقييده هنا بأبداً التي لا يجامعها تخصيص على ما قيل يؤذن بأن الكلام في المستحل ‏(‏الديوث والرجلة من النساء‏)‏ بمعنى المترجلة ‏(‏ومدمن الخمر‏)‏ أي المداوم على شربها وتمامه عند مخرجه الطبراني قالوا‏:‏ يا رسول اللّه أما مدمن الخمر فقد عرفناه فما الديوث قال‏:‏ الذي لا يبالي من دخل على أهله قلنا‏:‏ فما الرجلة قال‏:‏ التي تتشبه بالرجال قال ابن القيم‏:‏ وذكر الديوث في هذا وما قبله يدلّ على أن أصل الدين الغيرة ومن لا غيرة له لا دين له، فالغيرة تحمي القب فتحمي له الجوارح فترفع السوء والفواحش وعدمها يميت القلب فتموت الجوارح فلا يبقى عندها دفع البتة والغيرة في القلب كالقوة التي تدفع المرض وتقاومه فإذا ذهبت القوة كان الهلاك‏.‏

- ‏(‏طب عن عمار بن ياسر‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه مساتير وليس فيهم من قيل إنه ضعيف ورواه عنه أيضاً البيهقي في الشعب‏.‏

3531 - ‏(‏ثلاثة لا يرد اللّه دعاءهم‏)‏ إذا توفرت شروطه وأركانه ‏(‏الذاكر اللّه كثيراً‏)‏ يحتمل على الدوام ويحتمل الذاكر كثيراً عند إرادة الدعاء ‏(‏والمظلوم‏)‏ وإن كان كافراً ‏(‏والإمام المقسط‏)‏ أي العادل في رعيته‏.‏

- ‏(‏هب عن أبي هريرة‏)‏ وفيه حميد بن الأسود أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ كان عفان يحمل عليه عن عبد اللّه بن سعيد بن أبي هند ثقة ضعفه أبو حاتم عن شريك بن أبي تمر قال يحيى والنسائي ليس بقوي‏.‏

3532 - ‏(‏ثلاثة لا يريحون رائحة الجنة‏)‏ حين يجد المقربون ريحها ‏(‏رجل ادعى إلى غير أبيه‏)‏ لأنه كاذب آثم كالذي يدعي ‏[‏ص 328‏]‏ أن اللّه خلقه من ماء فلان غير ماء أبيه فهو كاذب على اللّه ‏(‏ورجل كذب عليَّ‏)‏ أي أخبر عني بما لم أقل أو أفعل ‏(‏ورجل كذب على عينيه‏)‏ أي قال رأيت في منامي كذا لأنه كذب على اللّه وعلى ملك الرؤيا إذ الرؤيا الصالحة بشرى من اللّه وذلك ذنب كبير فيستحق العقوبة ولأن رؤيا المؤمن جزء من أجزاء النبوة كما يجيء في عدة أخبار فكان الكاذب فيها متنبئاً بادعائه جزء من ستة وأربعين جزءاً من أجزاء النبوة ومدعي الجزء كمدعي الكل ذكره الكلاباذي‏.‏

- ‏(‏خط عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً البزار قال الهيثمي‏:‏ وفيه عبد الرزاق بن عمر ضعيف ولم يوثقه أحد‏.‏

3533 - ‏(‏ثلاثة لا يستخف بحقهم إلا منافق ذو الشيبة في الإسلام وذو العلم‏)‏ أي الشرعي ‏(‏وإمام مقسط‏)‏ أي عادل وهذا ضعيف لكن قالوا له شواهد منها ما رواه الخطيب عن أبي هريرة مرفوعاً لا يوسع المجلس إلا لثلاث لذي علم لعلمه ولذي سلطان لسلطانه ولذي سنّ لسنه وعن كعب قال‏:‏ نجد في كتاب اللّه عليماً أن يوسع في المجلس لذي الشيبة المسلم والإمام العادل ولذي القرآن ونعظمهم ونوقرهم ونشرفهم‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ هو من رواية عبد اللّه بن زحر عن علي بن يزيد وكلاهما ضعيف اهـ‏.‏

3534 - ‏(‏ثلاثة لا يستخف بحقهم إلا منافق بين النفاق‏:‏ ذو الشيبة في الإسلام‏)‏ وكذا ذات الشيبة فيه ‏(‏وذو العلم والإمام‏)‏ الأعظم ‏(‏المقسط‏)‏ أي العادل في حكمه والمراد في هذا وما قبله النفاق العملي‏.‏

- ‏(‏أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ في‏)‏ كتاب ‏(‏التوبيخ عن جابر‏)‏ وهذا ضعيف‏.‏

3535 - ‏(‏ثلاثة لا يقبل اللّه منهم يوم القيامة‏)‏ المراد به نفي كمال القبول ‏(‏صرفاً‏)‏ توبة أو نافلة أو وجهاً يصرف فيه عن نفسه العذاب ‏(‏ولا عدلاً‏)‏ أي فريضة يعني لا يقبل اللّه فريضتهم قبولاً تكفر به هذه الخطيئة وإن كان يكفر بها ما شاء من الخطايا ‏(‏عاق‏)‏ لوالديه ‏(‏ومنان‏)‏ بما يعطيه ‏(‏ومكذب بالقدر‏)‏ بالتحريك أي بأن الأشياء كلها بتقدير اللّه وإرادته وأخذ الذهبي وغيره من هذا الحديث ونحوه أن المن كبيرة فعدوه منها‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رواه بإسنادين في أحدهما بشر بن نمير وهو متروك وفي الآخر عمر بن يزيد وهو ضعيف اهـ‏.‏ ومن ثم قال ابن الجوزي‏:‏ حديث لا يصح قال ابن حبان‏:‏ عمر بن يزيد يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل اهـ‏.‏ لكن خالفهم الذهبي فقال‏:‏ عمر صويلح‏.‏

3536 - ‏(‏ثلاثة لا يقبل اللّه منهم صلاة‏)‏ أي قبولاً كاملاً صلاة ‏(‏الرجل‏)‏ ومثله صلاة المرأة للنساء ‏(‏يؤم قوماً وهم‏)‏ يعني أكثرهم ‏(‏له كارهون‏)‏ لمذموم شرعي قام به ‏(‏والرجل لا يأتي الصلاة إلا دباراً‏)‏ بكسر الدال أي بعد فوت وقتها وقيل جمع دبر وهو آخر وقت الشيء نحو ‏{‏وأدبار السجود‏}‏ والمراد يأتيها حين أدبر وقتها وهذا وارد فيمن اتخذه ديدناً وعادة ‏[‏ص 329‏]‏ ‏(‏ورجل اعتبد محرراً‏)‏ أي اتخذه عبداً كأن يعتقه ثم يكتمه أو يعتقه بعد العتق فيستخدمه كرهاً أو يأخذ حراً فيدعي رقه ويتملكه‏.‏

- ‏(‏د ه‏)‏ كلاهما في الصلاة من رواية عبد الرحمن بن زياد الأفريقي عن عمران المغافري ‏(‏عن ابن عمرو‏)‏ ابن العاص قال في شرح المهذب‏:‏ وهو ضعيف قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي‏:‏ عبد الرحمن الأفريقي ضعفه الجمهور وقال المناوي رضي اللّه عنه‏:‏ ضعفه الشافعي رضي اللّه عنه وغيره‏.‏

3537 - ‏(‏ثلاثة لا يقبل اللّه لهم صلاة ولا ترفع لهم إلى السماء حسنة‏)‏ رفعاً كاملاً ‏(‏العبد الآبق‏)‏ أي الهارب ومثله الأمة ‏(‏حتى يرجع إلى مواليه‏)‏ ذكره بلفظ الجمع ولم يقل مولاه لأن العبد تتناوله أيدي الناس غالباً كذا قيل ‏(‏والمرأة الساخط عليها زوجها‏)‏ لموجب شرعي ‏(‏حتى يرضى‏)‏ عنها زوجها ‏(‏والسكران‏)‏ أي المتعدي بسكره فيما يظهر ‏(‏حتى يصحو‏)‏ من سكره وروى ابن عمرو مرفوعاً من ترك الصلاة سكراً مرة واحدة فكأنما كانت له الدنيا وما فيها فسلبها ومن ترك الصلاة أربع مرات سكراً كان حقاً على اللّه أن يسقيه من طينة الخبال قالوا‏:‏ يا رسول اللّه وما طينة الخبال قال‏:‏ عصارة أهل جهنم قال الذهبي في الكبائر‏:‏ سنده صحيح‏.‏

- ‏(‏ابن خزيمة‏)‏ في صحيحه ‏(‏حب هب‏)‏ من حديث هشام عن عمار عن الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد عن ابن المنكدر ‏(‏عن جابر‏)‏ قال البيهقي في السنن‏:‏ تفرد به زهير قال الذهبي في المهذب‏:‏ قلت هذا من مناكير زهير اهـ‏.‏ وهشام سبق فيه كلام‏.‏

3538 - ‏(‏ثلاثة‏)‏ من الناس ‏(‏لا يكلمهم اللّه‏)‏ تكليم رضى عنهم أو كلاماً يسرهم أو لا يرسل لهم الملائكة بالتحية وملائكة الرحمة ولما كان لكثرة الجمع مدخل عظيم في مشقة الخزي قال ‏(‏يوم القيامة‏)‏ الذي من افتضح في جمعه لم يفز ‏(‏ولا ينظر إليهم‏)‏ نظر رحمة وعطف ولطف ‏(‏ولا يزكيهم‏)‏ يطهرهم من الذنوب أو لا يثني عليهم ‏(‏ولهم عذاب أليم‏)‏ مؤلم يعرفون به ما جهلوا من عظمته واجترحوا من مخالفته وكررها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثلاث مرات فقال أبو ذر‏:‏ خابوا وخسروا من هم يا رسول اللّه قال ‏(‏المسبل إزاره‏)‏ أي المرخي له ‏[‏إلى أسفل الكعبين بقصد الخيلاء‏]‏ الجار طرفيه خيلاء وخص الإزار لأنه عامة لباسهم فلغيره من نحو قميص حكمه ‏(‏والمنان الذي لا يعطي‏)‏ غيره ‏(‏شيئاً إلا منه‏)‏ أي اعتد به على من أعطاه أو المراد بالمن النقص من الحق والخيانة من نحو كيل ووزن ومنه ‏{‏وإن لك لأجراً غير ممنون‏}‏ أي منقوص ‏(‏والمنفق سلعته‏)‏ بشد الفاء أي الذي يروج بيع متاعه ‏(‏بالحلف‏)‏ بكسر اللام وسكونها ‏(‏الكاذب‏)‏ أي الفاجر قال الطيبي‏:‏ جمع الثلاثة في قرن لأن المسبل إزاره هو المتكبر المرتفع بنفسه على الناس ويحتقرهم والمنان إنما منّ بعطائه لما رأى من علوه على المعطى له والحالف البائع يراعي غبطة نفسه وهضم صاحب الحق والحاصل من المجموع احتقار الغير وإيثار نفسه ولذلك يجازيه اللّه باحتقاره له وعدم التفاته إليه كما لوح به لا يكلمهم اللّه وإنما قدم ذكر الجزاء مع أن رتبته التأخير عن الفعل لتفخيم شأنه وتهويل أمره ولتذهب النفس كل مذهب ولو قيل المسبل والمنان والمنفق لا يكلمهم لم يقع هذا الموقع‏.‏

- ‏(‏حم م 4 عن أبي ذر‏)‏ الغفاري رضي اللّه عنه‏.‏

‏[‏ص 330‏]‏ 3539 - ‏(‏ثلاثة لا يكلمهم اللّه‏)‏ كلاماً يسرهم بل بنحو ‏{‏اخسأوا فيها‏}‏ ‏(‏يوم القيامة‏)‏ استهانة بهم وغضباً عليهم بما انتهكوا من حرمته ‏(‏ولا ينظر إليهم‏)‏ نظر رحمة ‏(‏رجل‏)‏ خبر مبتدأ محذوف ‏(‏حلف على سلعته لقد أعطى بها أكثر مما أعطى‏)‏ بالبناء للفاعل أي حلف أنه دفعت لبائعها أكثر مما أعطى فيها أو للمفعول أي أعطاني من يريد شراءها أكثر ‏(‏وهو كاذب‏)‏ أي والحال أنه كاذب في إخباره بذلك وكلمة قد هنا للتحقيق ‏(‏ورجل حلف على يمين‏)‏ بزيادة حرف الجر ‏(‏كاذبة‏)‏ أي محلوف يمين فسماه يميناً مجازاً للملابسة بينهما والمراد ما شأنه أن يكون محلوفاً عليه ‏(‏بعد العصر‏)‏ خصه لشرفه بكونه وقت ارتفاع الأعمال وقول البعض لاجتماع ملائكة الليل والنهار حينئذ زيفه ابن حجر رحمه اللّه بأن بعد الصبح يشاركه في ذلك ولم يرد فيه فالأولى التوجيه بأن وقت ختام الأعمال والأمور بخواتيمها فغلظت العقوبة فيه وقيل هو ليس بقيد بل خرج مخرج الغالب لأن مثله يقع غالباً في آخر النهار حيث يريدون الفراغ من معاملتهم ‏(‏ليقتطع بها مال رجل مسلم‏)‏ أي ليأخذ قطعة من ماله وتخصيص الثالثة غالبي للإختصاص فالأنثى والخنثى والذمي كذلك ‏(‏ورجل منع فضل مائه‏)‏ الزائد على حاجته عن المحتاج ‏(‏فيقول اللّه عز وجل اليوم‏)‏ أي يوم القيامة ‏(‏أمنعك‏)‏ بضم العين ‏(‏فضلي‏)‏ الذي لا ينجي في ذلك اليوم غيره ‏(‏كما منعت فضل ما لم تعمله يداك‏)‏ وظاهر قوله فضل مائه بالإضافة أن الكلام في بئر حفرها بملكه أو بموات للارتفاق أو أطلق وفضل عن حاجته ما يحتاجه غيره وأما ما حفر للمارة فيجب بذله فضلاً وأصلاً فإن الحافر فيه كواحد من المارة فظاهر قوله آخراً ما لم تعمل يداك أن الكلام في المياه المباحة النابعة في موضع لا يختص بأحد ولا صنع للآدميين في انبساطها وإجرائها كماء الأودية والعيون ثم الذين لا يكلمهم اللّه يوم القيامة لا ينحصرون في الثلاثة لأن العدد لا ينفي الزائد‏.‏

- ‏(‏ق عن أبي هريرة‏)‏ واللفظ للبخاري‏.‏

3540 - ‏(‏ثلاثة لا يكلمهم اللّه يوم القيامة‏)‏ كلام رضى ورحمة ‏(‏ولا ينظر إليهم‏)‏ نظر إنعام وإفضال ‏(‏ولا يزكيهم‏)‏ لا يطهرهم من دنس ذنوبهم ‏(‏ولهم عذاب أليم‏)‏ مؤلم على ما اجترحوه ‏(‏رجل على فضل ماء‏)‏ يعني له ماء فاضل عن حاجته ‏(‏بالفلاة‏)‏ أي في المفازة ‏(‏يمنعه‏)‏ أي الفاضل من الماء ‏(‏من ابن السبيل‏)‏ أي المسافر المضطر للماء لنفسه أو حيوان محترم معه وقوله رجل مرفوع خبر مبتدأ محذوف ‏(‏و‏)‏ الثاني من الثلاثة ‏(‏رجل بايع رجلاً‏)‏ بلفظ الماضي ‏(‏بسلعة‏)‏ أي ساوم فيها وروي سلعة بدون باء فعليه يكون بايع بمعنى باع ‏(‏بعد العصر‏)‏ خص العصر لكونه وقت نزول الملائكة لرفع أعمال النهار وإذا حلف كاذباً في ذلك الوقت ختم عمل نهاره بعمل سيء فكان جديراً بالإبعاد والطرد عن رب العباد ‏(‏فحلف له‏)‏ أي البائع للمشتري ‏(‏باللّه‏)‏ تعالى ‏(‏لأخذها‏)‏ بصيغة الماضي ‏(‏بكذا وكذا فصدقه‏)‏ أي المشتري البائع ‏(‏وهو على غير ذلك‏)‏ أي والحال أن البائع لم يشترها بما ذكره من الثمن ‏(‏و‏)‏ الثالث ‏(‏رجل بايع إماماً‏)‏ أي عاقد الإمام الأعظم على أن يعمل بالحق ويقيم الحد ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر والحال أنه ‏(‏لا يبايعه‏)‏ لا يعاقده ‏(‏إلا لدنيا‏)‏ بلا تنوين ‏[‏ص 331‏]‏ كحبلى أي لغرض دنيوي ‏(‏فإن‏)‏ الفاء تفسيرية ‏(‏أعطاه منها‏)‏ أي الدنيا ‏(‏وفا‏)‏ بالتخفيف للفاء أي ذلك الرجل المبايع بما عاقده عليه ‏(‏وإن لم يعطه‏)‏ أي الإمام ‏(‏منها لم يف‏)‏ ببيعته لأن الإمامة نيابة عن اللّه ورسوله فمن عدل في متابعة ذلك النائب عن قانون الشريعة ومنهاج السنة وقصر متابعته له على ما يعطاه دون ملاحظة المبايع عليه فقد خسر خسراناً مبيناً وضل ضلالاً عظيماً واستحق هذا الوعيد الشديد لتركه الواجب عليه من الإخلاص في البيعة‏.‏ قال الخطابي‏:‏ الأصل في المبايعة للإمام أن يبايع على أن يعمل بالحق ويقيم الحدود ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فمن جعل مبايعته لما يعطاه دون ملاحظة المقصود فقد دخل في الوعيد‏.‏

- ‏(‏حم ق 4 عن أبي هريرة‏)‏

3541 - ‏(‏ثلاثة لا يكلمهم اللّه‏)‏ بما يسرهم أو بشيء أصلاً وأن الملائكة يسألونهم ‏(‏يوم القيامة‏)‏ أو لا ينتفعون بآيات اللّه وكلماته قال القاضي‏:‏ والظاهر أنه كناية عن غضبه عليهم لقوله ‏(‏ولا يزكيهم‏)‏ أي لا يثني عليهم ‏(‏ولا ينظر إليهم‏)‏ فإن من سخط على غيره واستهان به أعرض عنه وعن التكلم معه والالتفات إليه كما أن من اعتدّ بغيره يكثر النظر إليه ‏(‏ولهم‏)‏ مع ذلك الأمر المهول ‏(‏عذاب أليم‏)‏ مؤلم موجع قال الواحدي‏:‏ هو العذاب الذي يخلص إلى قلوبهم وجعه قال الراغب‏:‏ الألم الوجع الشديد ‏(‏شيخ زان‏)‏ لاستخفافه بحق الحق وقلة مبالاته به ورذالات طبعه إذ داعيته قد ضعفت وهمته قد فترت فزناه عناد ومراغمة ‏(‏وملك كذاب‏)‏ لأن الكذب يكون غالباً لجلب نفع أو دفع ضر والملك لا يخاف أحداً فيصانعه فهو منه قبيح لفقد الضرورة ‏(‏وعائل‏)‏ أي فقير ‏(‏مستكبر‏)‏ لأن كبره مع فقد سببه فيه من نحو مال وجاه وكونه مطبوعاً عليه مستحكماً فيه فيستحق أليم العذاب وفظيع العقاب وفيه دلالة على كرم اللّه في قبول عذر عبيده مما يكون منهم عن مخالفته‏.‏